أهل الإلحاد، ولكن قد تشتبه على كثير من النظار، فينصرون ما يظنونه من أقوال الأنبياء بما يظنونه دليلاً عقلياً، ويكون الأمر في الحقيقة بالعكس، لا القول من أقوال الأنبياء، بل قد يكون مناقضاً لها، ولا الدليل دليلاً صحيحاً في العقل بل فاسداً، فيخطئون في العقل والسمع ويخالفونهما، ظانين أنهم موافقون للعقل والسمع، وآية ذلك مخالفتهم لصرائح نصوص الأنبياء، وما فطر الله عليه العقلاء.
فمن خالف هذين كان مخالفاً للشرع والعقل، كما هو الواقع في كثير من نفاة الصفات والأفعال.
والمقصود هنا أن المعترضين على ما ذكر في تناهي الحوادث، يقولون: لم يذكر على وجوب تناهيها دليلاً، فإن عمدته قوله: ما انتفت عنه النهاية يستحيل أن ينصرم بالواحد على إثر الواحد، فإذا تصرمت الحوادث أذن انقضاؤها بتناهيها.
وهم يقولون لفظ الانتهاء لفظ مجمل: أتريد به الانتهاء، بمعنى أنه لا أول لها؟ أو الانتهاء بمعنى انقضاء ما مضى؟
أما الانتهاء بالمعنى الثاني، فإنهم لا ينازعون فيه، بل يسلمون أن ما انتهى فقد انتهى، لكن لا يسلمون أن الحوادث انتهت، بل يقولون: لم تزل ولا تزال، فإن الانتهاء انقطاعها وانصرامها ونفادها، وهي لم تنفد ولم تنقطع.