وإن قال بالأول، قيل له: فإن كان مع القوة يمكن وجوده وعدمه، فلا بد من ترجيح، وإلا كان الممكن نوعين أو له حالان: حال يحصل فيها بغير مرجح، وحال لا يحصل فيها إلا بمرجح.
والممكن ليس له من نفسه وجود أصلاً، بل وجوده ممكن، ولا يحصل إلا بغيره، فكل ما وصف بهذه الحقيقة، يمتنع أن يوجد إلا بغيره، فما دام ممكناً لا يوجد إلا بغيره.
وذلك الغير إذا كان يمكن أن يفعل، ويمكن أن لا يفعل، كان فعله ممكناً.
والممكن لا يحصل إلا بغيره.
وإذا قيل: الغير هو القادر، أو القادر المريد، أو نحو ذلك.
قيل: مجرد القادر المريد، إذا كان معه وجود الفعل تارة وعدمه الأخرى، كان ممكناً، فلا بد له من مرجح، وإلا فإذا قدر استوىء الحال من كل وجه فلا يترجح، وإذا لم يكن ترجيح، لزم حصول الممكن بلا ترجيح مرجح، وهو ممتنع.
وهذا الموضع هو الذي أنكره من أنكره من أئمة السنة والحديث، ومن أئمة الفلاسفة أيضاً، على من صار إليه من أهل الكلام: المعتزلة، والكلابية كالأشعرية، وطائفة من أصحاب أحمد وغيره من الأئمة.
وهو أصل قول ابن كلاب في مسألة القرآن، الذي أنكره عليه الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة.
وهو أصل شبهة الفلاسفة في مناظرتهم لهؤلاء في قدم العالم، وقد بسط في موضعه.
وإذا كان الممكن نفسه إما واجباً بغيره، وإما ممتنعاً لغيره، فما كان يمكن دوام وجوده كان مع وجوده واجب الدوام بغيره، فيمتنع أن