للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنوا حدوث الجسم، وأبطلها كلها، وذكر أدلة أولئك في دوام فاعلية الرب تعالى ولم يبطلها.

وقد ذكر أيضاً حجج هؤلاء في دوام الزمان بكلام طويل ليس هذا موضع بسطه.

والمقصود هنا أن من يريد هذا وأمثاله من كلام هؤلاء، تبين له أن ما ذكره أئمتهم الأشعرية وشيوخ أئمتهم المعتزلة في هذا الباب، كان مما تبين لهم فساده، ثم مع هذا لا يمكنهم القدح في أدلة الفلاسفة، إن لم يقروا بما أنكروه من مدلول الكتاب والسنة الموافق لصريح المعقول، فحينئذ يمكنهم القول بالمعقولات الصريحة، ويتبين لهم أنها موافقة للمنقولات الصحيحة، وليس مما أمر الله به ورسوله، ولا مما يرتضيه عاقل، أن تقابل الحجج القوية بالمعاندة والجحد، بل قول الصدق والتزام العدل لازم عند جميع العقلاء.

وأهل الإسلام والملل أحق بذلك من غيرهم، إذ هم -ولله الحمد- أكمل الناس عقلاً وأتمهم إدراكاً وأصحهم ديناً، وأشرفهم كتاباً، وأفضلهم نبياً، وأحسنهم شريعة.

ومن المعلوم في دين الإسلام أن اليهود والنصارى خير من الفلاسفة الخارجين عن الملل، وأصح عقلاً وديناً، ولهذا كان خيار الصابئة من انتسب إلى ملة من الملل.

وقد اتفق أئمة الدين على إقرار اليهود والنصارى بالجزية، وعلى حل ذبائحهم ونسائهم، وإن خالف في ذلك أهل البدع.

وأما الفلاسفة فإما أن يكونوا من المشركين، وإما أن يكونوا من المجوس، وإما يكونوا من الصابئين، وإما أن يكونوا منتسبين إلى أهل الملل الثلاث.

فمن كان من المشركين، كما يذكر عن الفلاسفة اليونان ونحوهم، أو من المجوس، كفلاسفة الفرس ونحوهم، فاليهود والنصارى

<<  <  ج: ص:  >  >>