للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما لزم ذلك لأن الحوادث يمتنع حدوثها عن العلة التامة القديمة، فإن العلة التامة القديمة لا يتخلف عنها معلولها، والمحدث يجب أن تكون علته تامة عند حدوثه.

وهم يقولون بكلا القولين، فلزم من هذين القولين أن واجب الوجود لم يحدث شيئاً من الحوادث، وأن الحوادث لا محدث لها.

ويلزم أيضاً وجود علل ومعلولات لا نهاية لها، وفاعلين لا نهاية لهم، وكل ذلك مما يعلمون هم وسائر العقلاء فساده، ولا مخلص لهم عن هذا إلا بأن يقولوا بأن واجب الوجود تقوم به الأفعال الاختيارية المقدورة له، وتقوم به الصفات.

وإذا قالوا ذلك بطل قولهم بنفي الصفات ووجوب قدم الأفلاك.

فعلم أن ما ذكروه من الحجج الصحيحة الدالة على دوام فاعلية الرب، ودوام الحدوث، يدل على نقيض قولهم في أفعال الرب تعالى وصفاته، وعلى ضد قولهم في قدم العالم، وتوحيد واجب الوجود، وهذا هو المطلوب، وقد بسط ما يتعلق بهذا الكلام في موضع آخر.

والمقصود هنا التنبيه على أن كل ما تقيمه كل طائفة من الناس من الحجج العقلية التي لا مطعن فيها، فإنها إنما تدل على موافقة الكتب والسنة، وإبطال ما خالف ذلك من أقوال أهل البدع، متكلمهم ومتفلسفهم، والله سبحانه أعلم.

ومما يوضح هذا أن عمدة الحجة المتقدمة في دوام فاعليته من جنس الحجة المتقدمة لمن منع حدوث الأفعال القائمة به، حيث قالوا: إن كل صفة تفرض لواجب الوجود فإن ذاته كافية في حصولها أو لا حصولها،

<<  <  ج: ص:  >  >>