الوجود والعقول: لا يحصل منهم شيء بعد أن لم يحصل، إلا على ما سنذكره، فإن كل ما لا يتوقف على غير شيء، إذا وجد ذلك الشيء، وجب أن يوجد، وإلا هو مما لا يتصور وجوده أو توقف على غيره، فما كان هو الذي يتوقف عليه، وقد فرض أن التوقف عليه، وهو محال.
وكل ما سوى نور الأنوار لما كان منه، فلا يتوقف على غيره، كما يتوقف شيء من أفعالنا على وقت، أو زوال مانع، أو وجود شرط، فإن لهذه مدخلاً في أفعالنا، ولا وقت مع نور الأنوار متقدم على جميع ما عدا نور الأنوار، فإن نفس الوقت أيضاً من الأشياء التي هي غير نور الأنوار، فلما كان نور الأنوار، وجميع ما يفرضه الصفاتية صفة دائمة، فيدوم بدوامه ما فيه، لعدم توقفه على أمر منتظر، ولا يمكن في العدم البحث قرض تجدد، مع أن كل ما تجدد يعود الكلام إليه.
فنور الأنوار والأنوار القاهرة: ظلالها وأضواؤها المجردة دائمة، وقد علمت أن الشعاع المحسوس هو من النير، لا النير من الشعاع، وكلما يدوم النير الأعظم يدوم الشعاع، مع أنه منه.