للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولئك الدهرية الطبيعية بمثل هذه الطريق، بل بيان كون المشاهدات ليس واجبة بنفسها، بل مفتقرة غلى غيرها، يمكن بوجوه كثيرة، كما قد بسط في موضعه، إذ المقصود هنا ذكر كلامه في أفعال الرب تعالى، وما ذكره في قدم العالم.

قال: وقال آخرون: بل هذا الوجود المحسوس معلول، ثم افترقوا.

فمنهم من زعم أن أصله وطينته غير معلولين، لكن صنعته معلولة.

وهؤلاء فقد جعلوا في الوجود واجبين، وأنت خبير باستحالة ذلك.

ومنهم من جعل واجب الوجود لضدين أو لعدة أشياء، وجعل غير ذلك من ذلك، هؤلاء في حكم الذي قبلهم.

قلت: هؤلاء كالمجوس القائلين بأن له أصلان: النور والظلمة، وهما قديمان، فإن هذا أحد قوليهم، والآخر أن الظلمة محدثة.

والقائلون بالقدماء الخمسة كديمقراطيس ومن اتبعه، كابن زكريا الطبيب الملحد، يقولون بقدم الباري والنفس والمادة والدهر والخلاء.

فهؤلاء يجعلون الواجب أكثر من واحد، وهم مع هذا يقولون بأن أصله غير معلول، وطينته معلولة.

وأما من جعل المبدع أكثر من اثنين فهذا لا يعرف.

فقوله: منهم من زعم أن أصله وطينته معلولة يتناول هذا القول،

<<  <  ج: ص:  >  >>