للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والكلام في هذه المسألة من جنس الكلام في مسألة خلق أفعال العباد، فكلما نعلم أن الله خالق أفعال العباد نعلم أنه خالق حركات الفلك إذا قدر أنها اختيارية، وإن قدر أنها اختيارية كان الأمر أولى وأولى، فإن القدرية تنازع في الأول، لا تنازع في الثاني.

وليس القائل أن يقول: إن هؤلاء الفلاسفة، كأرسطو وأتباعه، قد يسلكون في حركات الأفلاك الاختيارية مسلك القدرية، الذين لا يقولون: إن الله خالق أفعال العباد.

لأنه يقال: أولاً: ليس هذا مذهبهم، بل عندهم أن أفعال الحيوان وغير ذلك من الممكنات صادرة عن واجب الوجود، وهذا هو الموجود في كتب الذين نقلوا مذهبهم، كابن سينا وأمثاله.

وأيضاً فيقال لهم: إما تجوزوا على الحي أن يحدث الأفعال من غير سبب من خارج يقتضي حدوث تلك الأفعال، لست أعني من غير مقصور يحدث، بل من غير مقتض للفعل، وإما ألا تجوزوه.

فإن لم تجوزوا على الحي ذلك، لزمكم أن الفلك الحي عندكم لا تحدث حركته إلا بسبب منفصل، يكون مقتضياً لفعل الحدوث، لا يكفي أن يكون ذلك متشبهاً به.

ثم القول في حدوث اقتضاء ذلك المقتضى، كالقول في حدوث حركة الفلك، فيلزم أن يكون فوق الفلك سبب فاعل للحوادث، وذلك يبطل قولهم.

فإنه ليس عندهم فوق الفلك حركة ولا فعل بوجه من الوجوه.

وإن جوزوا على الحي أن يحدث الأفعال بغير سبب حادث من غيره،

<<  <  ج: ص:  >  >>