وأما أن يجابوا بقول يخالف فيه أكثر العقلاء من المسلمين وغيرهم ويجعل خلق الله عز وجل للسماوات والأرض مبنياً على مثل هذا القول الذي هو جواب المعارضة: فهذا لا يرضى به عقل ولا ذو دين.
بل يحب أن يعلم أن الأمور المعلومة من دين المسلمين لا بد أن يكون الجواب عما يعارضها جواباً قاطعاً لا شبهة فيه، بخلاف ما يسلكه من يسلكه من أهل الكلام الذين يزعمون أنهم يبينون العلم واليقين بالأدلة والبراهين وإنما يستفيد الناظر في كلامهم كثرة الشكوك والشبهات، وهم في أنفسهم عندهم شك وشبهة فيما يقولون: إنه برهان قاطع، ولهذا يقول أحدهم في هذا الموضع: إنه برهان قاطع، وفي موضع آخر يفسد ذلك البرهان.
والذين يعارضون الثابت في الكتاب والسنة بما يزعمون أنه من العقليات القاطعة إنما يعارضونه يمثل هذه الحجج الداحضة.
فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه، ولا وفي بموجب العلم والإيمان، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس، ولا أفاد كلامه العلم واليقين.
ولولا أنا قد بسطنا الكلام على هذه الأمور في غير هذا الموضع ـ وهذا موضع تنبيه وإشارة، لا موضع بسط ـ لكنا نبسط الكلام في ذلك، ولكن نبهنا على ذلك.