للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك؟ وما كانت العلة المرتبة له عن إحداث الحوادث المتأخرة؟ فإنه لا يزال تحدث فيه أمور بعد أمور، فما الموجب لتأخر هذه الحوادث بعد أن لم تكن حادثة؟

فأي شيء أجاب به عن ذلك كان جواباً له.

فإن قال: ليستكمل الشروط التي بها تتم الحوادث فقد جوز أن يكون فعل الواجب الوجود لا يتم إلا بشروط تحدث، وحينئذ فيجوز أن يقال: إن الموجب لتأخر فعله للعالم لتتم شروط إحداثه للعالم، إذ كان فعل الواجب بنفسه، على هذا التقدير، قد يتوقف على الشروط التي بها يحدث.

وإن قال: إن العالم ممكن.

قيل له: فلا بد له من واجب فعله.

وحينئذ فقد فعله على الوجه الذي هو عليه من تأخر الحوادث، فما الذي أوجب للفاعل أن يؤخر ما يحدث من الحوادث؟ وما الذي دعاه إلى إخراج الحوادث إلى الوجود بعد أن لم تكن؟ وما العلة الباعثة للفاعل إلى ذلك؟

وأيضاً فيقال لهم: إن كان ممكناً صادراً عن الواجب، فما الذي أوجب الأول أن يفعله؟ وما الذي دعاه إلى ذلك؟

فإن قالوا: مجرد ذاته المجردة أوجبت ذلك.

قيل: فإذا كانت موجبة لما يصدر عنها، لا يقف شيء من فعلها على غير الذات المجردة، وجب اقتران كل ما صدر عنها بها، ووجب اقتران الصادر عن الصادر به، فحينئذ لا يتأخر شيء عن العالم، بل يكون كله

<<  <  ج: ص:  >  >>