فإذا قيل بأن: التأثير لم يزل في شيء بعد شيء كان كل من الآثار حادثاً، ولزم حدوث كل ما سوى الله، وإن كان كل حادث مسبوقاً بحادث.
وإن قيل: بل يتأخر الأثر عن التأثير القديم لزم إمكان حدوث الحوادث عن تأثير قديم، كما هو قول كثير من أهل النظر.
وهو قول من يقول بإثبات الصفات الفعلية لله تعالى، وهي صفة التخليق، ويقول: إنها قديمة، وهو قول طوائف من الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد، والصوفية، وأهل الكلام، وغيرهم.
وإن كان التأثير محدثاً فلا بد له من محدث، فإن قيل بجواز حدوث الحوادث بإرادة قديمة، أو إن القادر المختار يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح: جاز أن يحدث التأثير قائماً بالمؤثر بقدرته، أو بقدرته ومشيئته القديمة، كما يجوز من يجوز وجود المخلوقات البائنة عنه بمجرد قدرته، أو لمجرد قدرته ومشيئته القديمة.
وإن قيل: لا يمكن حدوث الحوادث إلا بسبب حادث كان التأثير القائم بالمؤثر محدثاً، وإن كان التأثير محدثاً فلا بد له من محدث، وإحداث هذا التأثير تأثير، وحينئذ فيكون تسلسل التأثيرات ممكناً، وإذا كان ممكناً بطلت الحجة، فظهر بطلانها على كل تقدير.
وصاحب الأربعين وأمثاله من أهل الكلام إنما لم يجيبوا عنها بجواب قاطع، لأن من جملة مقدماتها أن التسلسل ممتنع، وهم يقولون بذلك، والمحتج بها لا يقول بامتناع التسلسل، فإن الدهرية يقولون بتسلسل الحوادث، فإذا أجيبوا