يزداد به، إذ كان الفاعل للحب في المحبوب المحرك له إلى المحبوب ليس نفس المحبوب، إذ كل عاقل يعلم أن الخبز إذا أحبه الجائع لم يفعل حركته ولا قصده، كذلك المعشوق الذي لا يشعر بعاشقه، ليس منه فعل ولا حركة يزيد بها المحب شيئاً، وإنما يضاف الفعل إليه كما يضاف إلى الجماد.
كما يقال: أهلك الناس الدرهم والدينار.
ويقال: قتلني حب المال.
ويقال للذهب: قاتول.
ويقال للدنيا: غرارة خداعة مكارة، ونحو ذلك مما يضاف إلى ما تحبه النفوس وتهواه، من غير فعل منه ولا قصد، فإنما يضاف الفعل إليه لأنه كان بسببه، لا أنه هو المحدث لذلك الفعل ولا الفاعل له، ولا المبدع له، وهذا متفق عليه بين العقلاء.
وإذا كان كذلك فليس في الجوهر الجسماني الفلكي إلا من جنس ما جعلتموه في الأول، وهو غني كغنى الأول، ومع هذا فقد جاز عليه الحركة وقيام الحوادث به، فكذلك في الأول.
وإذا جاز أن يقال: إن الفلك يتحرك بنفسه، فلم لا يجوز أن يقال: إنه يشتاق إلى نفسه.
وإذا قيل: إن الأول هو محبوب مشتاق إليه، فلم لا يجوز أن يكون محباً لنفسه، وحركته من المحبة لنفسه؟
وإذا قلتم: إلى أي شيء يتحرك؟
قيل لكم: والفلك إلى شيء يتحرك؟
فإذا قلتم: لإخراج ما لا يمكن وجوده دفعةً عن الأيون والأوضاع.
قيل لكم: ولم لا يجوز على هذا أن تقولوا: إن الأول يتحرك لإخراج