عنه، فإنه إذا ضرب بحجر فقد فعل الحذف، ووصول الحجر إلى منتهاه حصل بهذا السبب، وبسبب آخر من الحجر والهواء.
وكذلك الشبع والري حصل بسبب أكله وشربه، الذي هو فعله، وبسبب ما في الطعام والشراب من قوة التغذية، وما في بدنه من قوة القبول لذلك، والله خالق هذا كله.
وهذا مما يبين أنه ليس في المخلوقات ما يستقل بمفعول أصلاً، فالقلب الذي هو ملك البدن، وإن كان منه تصدر الإرادات المحركة للأعضاء، فلا يستقبل بتحريك، إلا بمشاركة الأعضاء وقواها كما تقدم.
وولاة الأمور، المدبرون للمدائن والجيوش، لا يستقل أحدهم بمفعول، إن لم يكن له من يعينه عليه، وإلا فقوله وعمله أعراض قائمة به لا تجاوزه، وكل ما يصدر خارجاً عنه فمتوقف على أسباب أخرى خارجة عن محل قدرته وفعله.
وهذا كله مما يبين عجز كل مخلوق عن الاستقلال بمفعول ما، فلا يكون شيء من المخلوقات رباً لشيء من المخلوقات رباً لشيء من المخلوقات ربوبية مطلقة أصلاً، إذ رب الشيء من يربه مطلقاً من جميع جهاته، وليس هذا إلا لله رب العالمين.
ولهذا منع في شريعتنا من إضافة الرب إلى المكلفين، كما قال صلى الله عليه وسلم:«لا يقل أحدكم: اسق ربك أطعم ربك» .