ولذلك قال:{وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم}[البقرة: ٢٥٥] .
قلت: قد سلك في هذه الآية هذا المسلك الذي ذكره.
والآية فيها قولان معروفان للمفسرين: أحدهما: أن قوله: {لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا}[الإسراء: ٤٢] ، أي بالتقرب إليه والعبادة والسؤال له.
والثاني: بالممانعة والمغالبة.
والأول هو الصحيح، فإنه قال:{لو كان معه آلهة كما يقولون}[الإسراء: ٤٢] ، وهم لم يكونوا يقولون: إن آلهتهم تمانعه وتغالبه.
بخلاف قوله:{وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض}[المؤمنون: ٩١] ، فهذا في الآلهة المنفية، ليس فيه أنها تعلوا على الله، وأن المشركين يقولون ذلك.
وأيضاً فقوله:{لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا}[الإسراء: ٤٢] ، يدل على ذلك، فإنه قال تعالى:{إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا}[المزمل: ١٩] ، والمراد به اتخاذ السبيل إلى عبادته وطاعته، بخلاف العكس، فإنه قال:{فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا}[النساء: ٤٣] ، ولم يقل: إليهن سبيلاً.
وأيضاً فاتخاذ السبيل إليه مأمور به، كقوله:{وابتغوا إليه الوسيلة}[المائدة: ٣٥] ، وقوله: {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه