وكلامه في ذلك وحججه من أفسد الكلام كما سنذكره إن شاء الله.
ولكن ابن سينا وأمثاله زعموا أنه إنما يعلم الكليات والجزئيات: يعلمها على وجه كلي.
وهؤلاء فروا من وقوع التغير في علمه.
وأما من قبل أرسطو من المشائين، فلا ريب أن في كلامهم ما هو خير وأقرب إلى الأنبياء من كلام أرسطو.
ولهذا نقل عنهم أنهم كانوا يقولون بحدوث الأفلاك، وأن أرسطو أول من قال بقدمها من المشائين.
وأما احتجاجه على إثبات علم الرب بالجزئيات بالإنذارات والمنامات، فاستدلال ضعيف، فإن ابن سينا وأمثاله يدعون أن ما يحصل للنفوس البشرية من العلم والإنذارات والمنامات، إنما هو فيض العقل الفعال والنفس الفلكية، وإذا أرادوا أن يجمعوا بين الشريعة والفلسفة، قالوا: إن النفس الفلكية هي اللوح المحفوظ، كما يوجد مثل ذلك في كلام أبي حامد في كتاب الإحياء والمضنون وغير ذلك من كتبه.
وكما يوجد في كلام من سلك سبيله من الشيوخ المتفلسفة المتصوفة، يذكرون اللوح المحفوظ، ومرادهم به النفس الفلكية، ويدعون أن العارف قد يقرأ ما في اللوح المحفوظ ويعلم ما فيه.
ومن علم دين الإسلام، الذي بعث الله به رسله، علم أن هذا من أبعد الأمور عن دين الإسلام، كما قد بسط في موضع آخر، إذ تنزيهه هنا للفلاسفة المشائين عن أن يكون هذا كلامهم، هو تعصب جسيم منه لهم.