وعلى كل تقدير فذاته هي الموجبة لكونه عالماً، لا أن شيئاً من الموجودات جعله عالماً، وإن كان العلم بأن قد كان، مشروطاً بوجود المعلوم، كما أن رؤيته وسمعه مشروط بوجود المرئي والمسموع، فذاك لا يمنع وجوب وجوده بنفسه أزلاً وأبداً، ولكن عروض هذا السمع والرؤية والعلم بأن قد كان، نظير عروض الإضافات له، وقد ثبت بصريح العقل واتفاق العقلاء وجوب تجدد الإضافات له.
وإذا قيل: الإضافة ليست وجودية، والعلم والسمع والبصر أمور وجودية.
كان الجواب على هذا القول إلغاء هذا الفرق، كما قد قرر في موضعه.
ومعلوم أن كون الرب بكل شيء عليماً، هو أظهر في الأدلة الشرعية والعقلية من كونه لا تقوم به الأمور المتجددة، فلو قدر أن لهذا أدلة تعارض تلك، وكان ثبوت العلم مستلزماً لثبوت الأمور المتجددة للزوم القول بثبوت العلم، فإن ثبوت العلم حق، ولازم الحق حق، فكيف إذا كان ما يمنع الأمور المتجددة إنما هو من أضعف الأدلة؟
أما المتفلسفة فلا يمكنهم أن يقولوا: قيام الحوادث به يستلزم حدوثه، فإن القديم عندهم تحله الحوادث.
وإنما ظن من ظن منهم أن قيام ذلك يمنع وجوب وجوده، وهو غلط ظاهر، فإنه لا