قلت: فقد بين أن علم الرب هو من نفسه لا من غيره، وأن علمه بالمعقولات ليس مستفاداً بها بل علمه بها سبب لوجودها، وحينئذ فلا يكون علمه مفتقراً إلى معلومه، بل معلومه مفتقراً إلى علمه، سواء كان المعلوم متغيراً أو غير متغير.
ثم قال: إشارة: واجب الوجود يجب أن يعقل ذاته بذاته على ما حقق، ويعقل ما بعده، من حيث هو علة لما بعده ومنه وجوده، ويعقل سائر الأشياء من حيث حدثها في سلسلة الترتيب النازل من عنده طولاً وعرضاً.
ثم قال: إشارة: إدراك الأول للأشياء من ذاته في ذاته، هو أفضل أنحاء كون الشيء مدركاً ومدركاً، ويتلوه إدراك الجواهر العقلية اللازمة للأول بإشراق الأول، ولما بعده منه من ذاته، وبعدهما الإدراكات النفسانية التي هي نقش ورسم، عن طابع عقلي متبدد المبادئ والمناسب.
ثم قال: وهم وتنبيه: ولعلك تقول: إن كانت المعقولات لا تتحد بالعاقل، ولا بعضها مع بعض، لما ذكرت.