للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا موجود في كلام عامة هؤلاء الذين في كلامهم سنة وبدعة، ولا ريب أنهم يردون على الفلاسفة وغيرهم أموراً، ولكن الفلاسفة ترد عليهم أموراً، وهم ينتصرون في غالب الأمر بالحجة العقلية على الفلاسفة، أكثر مما تنتصر الفلاسفة بالحجة العقلية عليهم، ولكن قد تقول الفلاسفة أموراً باطلة من جنس العقليات فيوافقونهم عليها فيستطيلون بها عليهم وقد تقول الفلاسفة أموراً صحيحة موافقة للشريعة فيردونها عليهم، وهم لا يصيبون الصدق والعدل إلا إذا وافقوا الشريعة، فإذا خالفوها كان غايتهم أن يقابلوا الفاسد بالفاسد، الباطل بالباطل، فتبقي الفلاسفة العقلاء في شك، ويبقى العقلاء منهم في شك، لا حصل لهؤلاء نور الهدى ولا لهؤلاء.

وإنما يحصل النور والهدى بأن يقابل الفاسد بالصالح، والباطل بالحق، والبدعة بالسنة والضلال بالهدى، والكذب بالصدق.

وبذلك يتبين أن الأدلة الصحيحة لا تعارض بحال، وأن المعقول الصريح مطابق للمنقول الصحيح.

وقد رأيت من هذا عجائب، فقل أن رأيت حجة عقلية هائل لمن عارض الشريعة، قد انقدح لي وجه فسادها وطريق حلها، إلا رأيت بعد ذلك من أئمة بلك الطائفة من قد تفطن لفسادها وبينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>