حصول للفاعل، والآخر حصول للقابل، بل الحاصل للفاعل هو نفس الأشياء المخلوقة، كالسماوات والأرض وما بينهما.
وأما القبول القائم بالقابل، فهو العلم بها، الذي يسمونه صورة عقلية، لا نفسها الموجودة.
ولا يقول عاقل يتصور ما يقول: إن العلم حصول نفس الموجودات في العالم، فإن كل عاقل يعلم أنه إذا علم النار والشمس والقمر، لم تكن هذه الحقائق في نفسه، وإن قدر أن أحداً قال ذلك، أو قال: إن الحاصل في نفسه مثل حقائقها الموجودة في الخارج في الحد والحقيقة، حتى يقول: إن من علم الشمس صار في نفسه شمساً مساوية في الحد والحقيقة للشمس التي في السماء، ومن علم النار حصل في نفسه نار مساوية في الحقيقة للنار التي تحرق فهذا القول ظاهر الفساد.
وإنما الذي قد يقال: إنه تحصل صورة عقلية تطابق تلك الحقيقة، مطابقة ما في النفس لما في الخارج.
ولهذا يمثلون ذلك بمطابقة الوجه لما في المرآة.
فنقول: حصول الصورة العلمية في العالم، كحصول الصورة المرئية في المرآة، أو في الماء، ونحو ذلك.
ومعلوم أنه لم تحل في المرآة والماء نفس الشمس والوجه، ولا ما يساويهما في الحد والحقيقة، ولكن صورة تحكيهما، وليست هذه الصورة كالصورة التي تحصل في الشمع والطين من طبع الخاتم والرسم، فإن تلك عرض منقوش حل في جسم يشبه الآخر، بخلاف ما في المرآة فإنه