فيقال: كلا المقدمتين ممنوعة باطلة: التلازمية والاستثنائية، المشبه والمشبه به، الأصل والفرع.
أما قوله: حكمت بكون ذاته وعقله لذاته شيئاً واحداً في الوجود فهذا لم يحكم به أحد من مثبتة الصفات، الذين هم سلف الأمة وأئمتها وجماهيرها، على تنوع أصنافهم، فلم يقل منهم أحد: إن علمه بنفسه هو عين نفسه، وإنما يحكي ما يشبه هذا عن المعطلة الجهمية من أهل الكلام والفلسفة، كابن رشد ونحوه، بل علمه بنفسه في كونه ليس هو نفسه، كعلمه بسائر المعلومات، فليس العلم نفس العالم عند أحد من أهل الإثبات للصفات.
ولكن هل يقال: إنه غيره؟ هذا فيه نزاع لفظي.
منهم من يقول: إن علمه غيره.
ومنهم من يقول: لا هو هو، ولا هو غيره.
ومنهم من يقول: لا نقول: لا هو هو، ولا هو غيره فأنفيهما جميعاً، بل أقول: ليس هو إياه منفرداً، وأقول: ليس هو غيره مفرداً.
ولا أجمع بينهما فأقول: لا هو هو، ولا هو غيره.
وأما السلف والأئمة، كـ أحمد بن حنبل وغيره، فلم يقولوا شيئاً من ذلك، بل امتنعوا من إطلاق القول بأنه غيره، كما لم يطلقوا أنه هو، ولم يقولوا: إنه لا هو هو، ولا غيره، فينفوهما جميعاً: لا مجتمعين ولا منفردين، بل منعوا من إطلاق لفظ الغير، لأن لفظ الغير مجمل، يراد به المباين، ويراد به ما ليس هو إياه.