للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلمين شرطاً في الآخر، أي ملزوماً له، بل ولا نفي كون كل منهما شرطاً في الآخر وملازماً له، كما أن العلم والقدرة أو الإرادة، كل منهما لا يوجد إلا مع الآخر، وهو ملازم له، فوجوده شرط في وجوده بهذا الاعتبار، وإن لم يكن أحدهما علة لوجود الآخر.

وكذلك علمه بنفسه المقدسة، هو مستلزم لعلمه بمخلوقاته، وشرط في علمه بها، فلا يكون عالماً بمخلوقاته، إلا وهو عالم بنفسه، وإن لم يكن علمه بنفسه هو العلة لعلمه بمخلوقاته، ولم يكن هو محتاجاً أن يستدل بعلمه بنفسه على علمه بمخلوقاته، بل نفس ذاته المقدسة اقتضت العلم بهذا وبهذا.

وإن كان أحد الأمرين شرطاً في الآخر، فكونه شرطاً في الآخر، غير كونه علة، فإن الشرط لا يجب أن يتقدم على المشروط، والعلة يجب تقدمها على المعلول.

والشرط لا يوجب المشروط، والعلة توجب المعلول.

فما علمه من مخلوقاته، فعلمه به مشروط بعلمه بنفسه، ويلزم من علمه بنفسه علمه به، ويلزم من علمه به علمه لنفسه، وإن لم يكن أحد العلمين يجب أن يقدم على الآخر، ولا يكون هو العلة في وجود الآخر، ولا يحتاج أن يستدل بأحد المعلومين على الآخر.

فلهذا كان علمه بأنه خالق يستلزم العلم بالمخلوقات من وجهين:

<<  <  ج: ص:  >  >>