للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: هذا الكلام متوجه على سبيل الإلزام والمعارضة، يظهر به تناقض من أثبت له علماً بمعلوم دون آخر، كابن سينا وأمثاله، فإنه يلزمه فيما أثبته نظير ما فر منه فيما نفاه، فإن كان ذلك حقاً، فيلزم أن لا يعلم شيئاً ولا نفسه، وإن لم يكن حقاً، فيلزم أن يعلم كل شيء.

ولا ريب أن هذا هو الصواب، فهو يقول لهم: إن العلم: إن كان صفة كمال وشرف، فمعلوم أن علمه بكل شيء أكمل من علمه ببعض الأشياء، وإن لم يكن صفة كمال، فلا يثبت شيء منه.

واستشهد على ذلك بأنكم نفيتم عنه السمع والبصر والعلم بالمتغيرات، فإن كان نفي ذلك نقصاً، فقد وصفتموه بالنقص، وإن لم يكن نقصاً، لم يكن نفي غيره نقصاً.

وابن سينا يفرق بين علمه بالثابتات، وبين علمه بالمتغيرات، لئلا يلزم تغيره بتغير العلم.

وقد بين أبو حامد بعد هذا أنه لا محذور في علمه بالمتغيرات، بل يلزمه إثبات العلم بذلك، فإثبات العلم مطلقاً هو الواجب دون نفيه، وكل ما لزم من إثبات العلم، فلا محذور فيه أصلاً، بل غايته ترجع إلى مسألة نفي الصفات والأفعال والاختيارات، فليس لهم في نفي العلم إلا ما ينشأ عن هذين السلبين.

وقد بين فساد قول النفاة للصفات والأمور القائمة بذاته الاختياريات.

وإذا كان علمه سبحانه بكل شيء مستلزماً لثبوت هذين الأصلين، كان ذلك مما يدل على صحتهما، كما دل على ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>