للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود هنا أن كون العلم صفة كمال، وكون العالم أكمل من الذي لا يعلم، كون عدم العلم نقصاً- هو من أبين القضايا البديهية المستقرة في فطر بني آدم.

وأما قول القائل: إن العلم إنما احتاج إليه غير الله ليستفيد كمالاً: إما ليطلع على مصالحه، وإما لتكميل ذاته المظلمة.

فيقال له: هذا بعينه دليل على أن الذوات لا تكمل إلا بالعلم، من جهة أنها لا تقدر أن تفعل ما تصلح إلا به، ومن جهة أنها بدونه مظلمة.

والرب فاعل لكل شيء، وفاعل لكل فاعل، فهو أحق بأن يكون عالماً من كل فاعل، وذاته أكمل الذوات، فهي أحق بأن يكون لها غاية الكمال، وأن تكون برية من كل نص.

وقول القائل: ذات الله مستغنية عن التكميل.

كلمة حق، فإنه مستغنية عن أن يكملها أحد سواها، لكن ما هي ذات الله المستغنية عن التكميل: أهي ذات مسلوبة العلم وغيره من صفات الكمال، فلا تعلم ولا تسمع ولا تبصر؟ أم هي الذات المتصفة بهذه الصفات؟.

أما الأول، فلا حقيقة لتلك الذات ولا وجود لها، فضلاً عن أن يقال: ذات الله، فإن ذاتاً لا تتصف بشيء من الصفات، إنما تعقل في الأذهان لا في الأعيان، وذاتاً لا تتصف بصفات الكمال

<<  <  ج: ص:  >  >>