ومن ذهب منهم إلى أنه يعلم غيره، وهو الذي اختاره ابن سينا، فقد زعم أنه يعلم الأشياء علماً كلياً، لا يدخل تحت الزمان، ولا يختلف بالماضي والمستقبل والآن، ومع ذلك زعم أنه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، إلا أنه يعلم الجزئيات بنوع كلي.
فلا بد أولاً من فهم مذهبهم، ثم الاشتغال بالاعتراض، ونبين هذا بمثال، وهو أن الشمس مثلاً تنكسف بعد أن لم تكن منكسفة ثم تنجلي، فتحصل له ثلاثة أحوال: أعني للكسوف حال هو فيها معدوم منتظر الوجود، أي سيكون.
وحال هو فيها موجود، أي هو كائن.
وحال ثالثة هو فيها معدوم، ولكنه كان من قبل.
ولنا بإزاء هذه الأحوال ثلاثة علوم مختلفة، فإنا نعلم أولاً: أن الكسوف معدوم وسيكون، وثانياً: أنه كائن، وثالثاً: أنه كان، وليس كائناً الآن.
وهذه العلوم الثلاثة متعددة ومختلفة، وتعاقبها على المحل يوجب تغير الذات العالمة، فإنه لو علم بعد الانجلاء أن الكسوف موجود الآن كما