للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفهمه ثانياً، ثم نبين ما فيه من القبائح اللازمة عليه ثالثاً.

قلت: قبائح مذهبهم أعظم وأكثر مما ذكره أبو حامد من وجوه كثيرة.

ومضمون حجتهم أن علم الرب بأحوال عباده يستلزم تنوع علمه بهم لتنوع المعلوم، وأن ذلك تغير يمتنع على الله، ولم يقيموا على امتناع مثل هذا المعنى حجة صحيحة: لا شرعية ولا عقلية.

ولفظ التغير فيه إجمال، كما ذكرناه في غير هذا الموضع.

والتغير الممتنع ما يكون فيه استحالة تتضمن نقصاً.

وأما ما ذكره من كون العلم يطابق المعلوم، فيتنوع بتنوع حاله فهو صفة كمال، وإلا كان العلم جهلاً.

وأما إذا سموا هذا تغيراً وادعوا أن ما دخل في هذا الاسم وجب نفيه، فهو كتسميتهم إثبات الصفات تركيباً، ودعواهم أن ما يدخل في ذلك يجب نفيه.

والحجج العقلية إنما تعتبر فيها المعاني لا الألفاظ.

والحجج السمعية يعتبر فيها كلام المعصوم.

وليس في كلام الله ورسوله، ولا الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ما ينفي هذا المعنى الذي سموه تركيباً وتغيراً، بل النصوص المتواترة التي جاءت بها الأنبياء عن الله، كلها تدل على إثبات ما نفوه من هذه المعاني، ولو لم يكن إلا إثبات علمه بكل شيء علماً مفصلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>