تناقضاً؟! حيث جعلوا ما هو بزعمهم جزءاً لسبب للحوادث.
فادعوا أن العلم به يوجب العلم بجميع الحوادث الجزئية، ثم العلة التامة عندهم لكل شيء من حادث وغيره، قالوا: إن العلم التام به لا يوجب العلم بكل حادث، وهم في النفس الفلكية محتاجون بعد إثباتها إلى كون حركة الفلك سبباً لحدوث شيء.
وهذا إذا سلم أو قامت عليه حجة لا يمكن أن يدعى أنه علة تامة باتفاقهم، مع اتفاق أهل الملل.
فكيف يجعلون العلم بما ليس بعلة تامة للحوادث موجباً للعلم بجزئياتها؟ ويقولون: العلم التام بما هو علة لها لا يوجب العلم بها؟.
ثم إذا كانت حركة الفلك صادرة عن الرب بوسط أو بغير وسط، وهو يعلم نفسه ويعلم مفعولاته ولوازمها ولوزام لوازمها، وذلك كله من مفعولاته بوسط أو بغير وسط، فإما أن يعلمها مفصلة معينة، أو لا يعلمها مفصلة.
فإن علمها مفصلة، علم لوازمها، فعلم جميع الحوادث مفصلة معينة.
وإن لم يعلمها مفصلة، فلا ريب أن علمه بحركات الفلك أولى من علم النفس الفلكية بكل ما يحدث في الأرض.
فإن هذه أكثر اختلافاً من حركات الفلك.
فالعلم بتلك أقرب إلى العلم الكلي، وهو سبحانه أكمل في خلقه لها، ولو بواسطة من إحداث النفس الفلكية لحوادث الأرض.
ثم علم النفس الفلكية بالحركات: إما كمال وإما نقص، فإن كان نقصاً فينبغي تنزيه العالم العلوي منه، وإن كان كمالاً فخالقها أحق بذلك منها.
ثم تلك الحركات وتصورات النفس وإرادتها جميعها مفعولة