للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضاً فإنه ههنا بحثاً آخر، وهو أن السكون هل هو أمر ثبوتي مضاد للحركة، أو هو عدم الحركة عما من شأنه أن يتحرك؟ وفيه قولان معروفان، فإذا كان عدمياً لم يفتقر إلى سبب.

(قال: وأما الطريقة التي يسلكها في كون الباري فاعلاً بالاختيار فمن وجهين:

أحدهما: أنه لو كان موجباً بالذات وجب أن لا ينفك عنه العالم، فيلزم إما قدم العالم، وإما حدوث الباري تعالى.

الثاني: أنه لو كان موجباً بالذات لما حصل تغير في العالم، لأنه يلزم من دوامه دوام معلوله، وإلا كان ترجيحاً بلا مرجح، ويلزم من دوام معلوله دوام معلول معلوله، وهكذا إلى أن يلزم دوام جميع المعلولات) .

قال الأبهري: (الاعتراض: أما الوجه الأول فلا نسلم أن القدم منتف، وأما الحجة التي ذكرها فقد مر ضعفها.

وأما الثاني فلا نسلم أنه لو كان موجباً بالذات للزم دوام معلولاته، وإنما يلزم ذلك أن لو كان جميع معلولاته قابلة للدوام، وهذا لأن من جملة معلولاته الحركة، وهي غير قابلة للبقاء) .

ولقائل أن يقول: اعتراض الأبهري هنا ضعيف.

أما الأول فيقال: هب أن ما ذكره على انتفاء القدم ضعيف، لكن لا يلزم من ضعف الدليل المعين انتفاء المدلول، وأنت قد بينت ضعف دليل الفلاسفة على القدم، وإذا كان القول بالموجب بالذات يستلزم قدم العالم، ولا دليل لهم عليه، كان قولهم أيضاً لا دليل عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>