ويقال له: القرآن إذا تضمن براهين عجزت العقول عنها، فمن أين وجب أن يكون مفعولاً لله؟ وما المانع من أن يكون كلاماً يتكلم الله به؟ هذا لا مانع منه إلا ما يقوله نفاة الصفات، وأنتم قولكم في إثباتها ونفيها متناقض، تثبتونها تارة وتنفونها أخرى، ولا دليل لكم على النفي إلا ما قد عرف فساده، والأدلة اليقينية توجب إثباتها، أو ما يقوله من ينفي أفعاله، وما يقوم به من الأمور التي يختارها ويقدر عليها، كالتكليم مثلاً، وأنتم قد بينتم فساد هذه الحجة التي استدل بها نفاة ذلك.
قال: فقد تبين لك أن القرآن -الذي هو كلام الله- قديم، وأن اللفظ الدال عليه مخلوق له سبحانه وتعالى لا للبشر.
فيقال له: ليس فيما ذكرته ما يقتضي أن القرآن -الذي هو كلام الله- قديم، فإن غاية ما ذكرته أن يكون القديم هو العلم، والقرآن ليس هو مجرد العلم: لا حروفه ولا معانيه.
أما حروفه، فظاهر.
وأما معانيه، فإن معاني الكلام نوعان: إنشاء وإخبار.
فأما الإنشاء ففيه الأمر والنهي، المتضمن للطلب أو للإرادة، التي بمعنى المحبة.
ونحو ذلك.
وأما الخبر فهل معناه من جنس العلم، أو حقيقة أخرى غير العلم؟ ففيه قولان معروفان.
فإذا لم يكن في كلامك ما يمكن أن يكون قديماً غير العلم، لم يكن