للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موجباته، بل يجوز مع هذا أن تتأخر عنه موجباته، وعلى هذا فلا يكون العالم قديماً، وليس هذا هو الموجب بذاته في هذا الاصطلاح الذي تكلم به الرازي، وأراد به إفساد قول الفلاسفة الدهرية، فإن الموجب بذاته في هذا الاصطلاح الذي بينه وبينهم هو العلة التامة التي تستلزم معلولها.

الوجه الثاني: أن يقال: إن أردتم بالموجب بالذات ما يستلزم معلوله، فالتغيرات التي في العالم تبطل كونه موجباً بهذا الاعتبار، وإن أردتم بالموجب بالذات ما قد تكون مفعولاته أمراً لا يلزمه، بل يحدث شيئاً بعد شيء، فحينئذ إذا وافقكم المنازعون على تسميته موجباً بالذات لم يكن في ذلك ما ينافي أن تكون مفعولاته تحدث شيئاً بعد شيء، ولا يمتنع أن تكون هذه الأفلاك من جملة الحوادث المتأخرة، فبطل قولكم.

الوجه الثالث: ذلك المعلول الذي لا يقبل الدوام كحركة الفلك: هل للباري موجب له بذاته بوسط أو بغير وسط، أو أيجابه له موقوف على حادث آخر؟

فإن قيل بالأول، لزم الحركات المتعاقبة، وأن تكون قابلة للدوام، وهو ممتنع.

وإن قيل بالثاني، قيل: فإيجابه لما تأخر من هذه الحركة: إما يكون موقوفا على شرط أو لا يكون، فإن يكن موقوفا على شرط، لزم تقدمه لتقدم الموجب الذي لا يقف تأثيره على شرط، وهو ممتنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>