ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى} [النجم: ٥-١٨] ، فأخبر أن معلمه معلم شديد القوى، وأنه ذو مرة.
والناس قد تنازعوا في المرئي مرتين، فقال ابن مسعود وعائشة وغيرهما: هو جبريل، رآه على صورته التي خلق عليها مرتين، كما ثبت ذلك في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عباس وغيره: رأى ربه بفؤاده مرتين.
ومن المعلوم أنه إذا كان المرئي جبريل، وأنه الذي رآه عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأموى، وأنه استوى وهو بالأفق الأعلى -امتنع أن يكون جبريل ما في نفسه.
وإن كان المرئي هو الله، فهو أعظم.
ومن هؤلاء من يقول: جبريل هو العقل الفعال، ويقول: ليس بضنين: أي ببخيل، لأنه فياض.
وهذا جهل، لأن قراءة الأكثرين: بظنين، أي بمتهم.
وهو المناسب، أي ما هو بمتهم على ما غاب عنا، بل هو أمين في إخباره بالغيب.
وإذا قيل: ضنين، بمعنى بخيل، كان ذلك وصفاً له بأنه لا ينجل بعلم الغيب، بل يبين الحق.