وبالجملة فكما أن لكل مفعول فاعلاً، كذلك لكل مركب مركباً فاعلاً، لأن التركيب شرط في وجود المركب ولا يمكن أن يكون الشيء هو علة في شرط وجوده، لأنه كان يلزم أن يكون الشيء علة نفسه.
ولذلك كانت المعتزلة في وضعهم هذه الصفات في المبدأ الأول -راجعة إلى الذات، لا زائدة عليها، على نحو ما يوجد عليه كثير من الصفات الذاتية لكثير من الموجودات، مثل كون الشيء موجوداً وواحداً وألياً وغير ذلك- أقرب إلى الحق من الأشعرية.
قال: ومذهب الفلاسفة في المبدأ الأول هو قريب من مذهب المعتزلة.
فيقال له: قولك: ليس بين النفس وبين هذا الموجود فرق، إلا من جهة أنها في جسم خطأ محض.
وذلك أن اتفاق الشيئين في بعض الصفات لا يوجب تماثلهما في الحقيقة، إذ لو كان كذلك لكانت المختلفات متماثلات، فإن السواد مخالف للبياض، وهو يشاركه في كون كل منهما لوناً وعرضاً وقائماً بغيره.
وأيضاً فمحققو الفلاسفة توافق على أن الأجسام ليست متماثلة، مع اشتراكها في التحيز، وقبول الأعراض، وغير ذلك من الأحكام.
والحيوان الصغير الحي، مثل البعوض والبق والذباب، ليس مثلاً للإنسان ولا للملك ولا للجني، وإن كان كل منهما حياً قادراً شاعراً متحركاً بالإرادة.