وينزل إذا شاء، ويفعل ما يشاء، بخلاف الأصنام الميتة التي لا تزول حتى تزال.
واحتججت أيها المريسي في نفي التحرك عن الله والزوال بحجج الصبيان، فزعمت أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين رأى كوكباً وشمساً وقمراً قال:{هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الأفلين}(الأنعام: ٧٦) ، ثم قلت: فنفى إبراهيم المحبة عن كل إله زائل، يعني أن الله إذا نزل من سماء إلى سماء، أو نزل يوم القيامة لمحاسبة العباد، فقد أفل وزال، كما أفل الشمس والقمر، فتنصل من ربوبيتهما إبراهيم، فلو قاس هذا القياس تركي طمطماني أو رومي عجمي ما زاد على ما قست قبحاً وسماجة، ويلك! من خلق الله: إن الله إذا نزل أو تحرك - أو نزل ليوم الحساب - أفل في شيء كما تأفل الشمس في عين حمئة؟ إن الله لا يأفل في شيء سواه إذا نزل أو ارتفع كما تأفل الشمس والقمر والكواكب، بل هوالعالي على كل شيء، المحيط بكل شيء في جميع أحواله من نزوله وارتفاعه، وهو الفعال لما يريد، لا يأفل في شيء، بل الأشياء كلها تخشع له وتتواضع، والشمس والقمر والكواكب خلائق مخلوقة، إذا قلت أفلت أفلت في مخلوق في عين حمئة كما قال الله تعالى، والله أعلى وأجل، لا يحيط به شيء، ولا يحتوي عليه شيء.