للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما اضطر ابن كلاب والأشعري ونحوهما إلى هذا الأصل: أنهم لما اعتقدوا أن الله لا يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته، لا فعل ولا تكلم ولا غير ذلك، وقد تبين لهم فساد قول من يقول: (القرآن مخلوق) ولا يجعل لله تعالى كلاماً قائماً بنفسه، بل يجعل كلامه ما خلقه في غيره، وعرفوا أن الكلام لا يكون مفعولاً منفصلاً عن المتكلم، ولا يتصف الموصوف بما هو منفصل عنه، بل إذا خلق الله شيئاً من الصفات والأفعال بمحل كان ذلك صفة لذلك المحل، لا لله، فإذا خلق في محل الحركة كان ذلك المحل هو المتحرك بها، وكذلك إذا خلق فيه حياة كان ذلك المحل هي الحي بها، وكذلك إذا خلق علماً أو قدرة كان ذلك المحل هو العالم القادر بها، فإذا خلق كلاماً في غيره كان ذلك المحل هو المتكلم به.

وهذا التقرير مما اتفق عليه القائلون بأن القرآن غير مخلوق من جميع الطوائف مثل أهل الحديث والسنة، ومثل الكرامية والكلابية وغيرهم.

ولازم هذا أن من قال: (إن القرآن العربي مخلوق) أن لا يكون القرآن العربي كلام الله، بل يكون كلاماً للمحل الذي خلق فيه، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>