بإرادته وقدرته، فلزم هؤلاء - إذا جعلوا يتكلم بإرادته وقدرته واختياره - أن يكون كلامه مخلوقاً منفصلاً عنه، ولزم هؤلاء - إذا جعلوه غير مخلوق - أن لا يكون قادراً على الكلام، ولا يتكلم بمشيئته وقدرته، ولا يتكلم بما يشاء.
والمقصود هنا أن عبد الله بن سعيد بن كلاب وأتباعه وافقوا سلف الأمة وسائر العقلاء على أن كلام المتكلم لا بد أن يقوم به، فما لا يكون إلا بائناً عنه لا يكون كلامه، كما قال الأئمة: كلام الله من الله ليس ببائن منه، وقالوا: إن القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود، فقالوا:(منه بدأ) رداً على الجهمية الذين يقولون: بدأ من غيره، ومقصودهم أنه هو المتكلم به، كما قال تعالى:{تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم}(الزمر: ١) وقال تعالى: {ولكن حق القول مني}(السجدة: ١٣) وأمثال ذلك.
ثم إنهم - مع موافقتهم للسلف والأئمة والجمهور على هذا - اعتقدوا هذا الأصل، وهو أنه لا يقوم به ما يكون مقدوراً له متعلقاً بمشيئته، بناء على هذا الأصل الذي وافقوا فيه المعتزلة، فاحتاجوا حينئذ أن يثبتوا ما لا يكون مقدوراً مراداً، قالوا: والحروف المنظومة والأصوات لا تكون إلا مقدورة مرادة، فأثبتوا معنى واحداً، لم يمكنهم إثبات معان متعددة، خوفاً من إثبات ما لا نهاية له، فاحتاجوا