فعل من الأفعال، لا خلق للعالم ولا استواء ولا غير ذلك، فإنه لو قام به فعل أو صفة لكان موصوفاً محلاً للأعراض، ولو قام به فعل يتعلق بمشيئته للزم تعاقب الأفعال ودوام الحوادث، وإذا جوزوا دوام النوع الحادث أو قدمه بطل ما احتجوا على ما ظنوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر به.
وهم مخطئون في المنقول والمعقول.
أما المنقول: فإن الرسول لم يخبر قط بقدم ذات مجردة عن الصفات والأفعال، بل النصوص الإلهية متظاهرة باتصاف الرب بالصفات والأفعال.
وهذا معلوم بالضرورة لمن سمع الكتاب والسنة، وهم يسلمون أن هذا هو الذي يظهر من النصوص، ولكن أخبر عن الله بأسمائه الحسنى وآياته المثبتة لصفاته وأفعال، وأنه:{خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش}(الفرقان: ٥٩) .
فمن قال: إن الأفلاك قديمة أزلية فقوله مناقض لقول الرسول صلى الله عليه وسلم بلا ريب، كما أن من قال (إن الرب تعالى لا علم له ولا قدرة ولا كلام ولا فعل) فقوله مناقض لقول الرسول، وليس مع واحد منهما عقل صريح يدل على قوله، بل العقل الصريح مناقض لقوله، كما قد بين في موضعه من وجوه كثيرة، مثل ما يقال: إن العقل الصريح يعلم أن إثبات عالم بلا علم وقادر بلا قدرة ممتنع، كإثبات