متحرك في الحقيقة، وإن حركته فوق الذهن، فليس زوالاً.
قالوا: وقال تاليس - وهو أحد أساطين الحكمة -: إن صفة الباري لا تدركها العقول إلا من جهة آثاره، فأما من جهة هويته: فغير مدرك له صفة من نحو ذاته، بل من نحو ذواتنا، وكان يقول: أبدع الله العالم لا لحاجة إليه، بل لفضله، ولولا ظهور أفاعيل الفضيلة لم يكن ههنا وجود، وكان يقول: إن فوق السماء عوالم مبدعة أبدعها من لا تدرك العقول كنهه.
وقال فيثاغورس نحو قال تاليس: لا يدرك من جهة النفس، هو فوق الصفات العلوية الروحانية، غير مدرك بجوهريته، بل من قبل آثاره في كل عالم، فيوصف وينعت بقدر ظهور تلك الآثار في ذلك العالم، وهو الواحد الذي رامت العقول إدراك معرفته عرفت أن ذواته مبدعة مسبوقة مخلوقة.