والطوائف أيضاً متنازعة في هذا الأصل، وجمهور الفلاسفة وجمهور أهل الحديث لا يمنعون ذلك.
وأما أهل الكلام: فللمعتزلة فيه قولان، وللأشعرية فيه قولان.
وأما الحجة الثانية - وهي أنه (لو كان قابلاً لها لكان قابلاً لها في الأزل، وذلك فرع إمكان وجودها ووجودها في الأزل محال - فقد أجاب عنها بالمعارضة بأنه قادر على الحوادث، ولا يلزم من كون القدرية أزلية أن يكون إمكان المقدور أزلياً.
قلت: ويمكن أن يجاب عنها بوجوه أخرى:
أحدها: أنه لا يسلم أنه إذا كان قابلاً لحدوث الحادث أن يكون قابلاً له في الأزل إلا إذا أمكن وجود ذلك في الأزل، فإنه إذا قيل: (هو قابل لما يمتنع أن يكون أزلياً) كان بمنزلة أن يقال: هو قادر على ما يمتنع أن يكون أزلياً، فمن اعتقد امتناع حدوث حادث في الأزل، وقال مع ذلك بأنه قادر على الحوادث وقابل لها، لم يلزمه القول بإمكان وجود المقدور المقبول في الأزل، لكن هذا المقام هو مقام الذين يقولون (يمتنع حدوث الحوادث بلا سبب حادث) والكلام في هذا مشترك بين كونه قادراً وقابلاً، فمن جوز حدوث الحوادث بلا سبب حادث - كالكلابية وأمثالهم من المعتزلة والكرامية - كان كلامه في هذا