للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه لا يعقل موصوف بالعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة إلا ما هو جسم، فإذا وصفتموه بهذه الصفات لزمكم أن يكون جسماً.

فإذا قال هؤلاء للمعتزلة: قد اتفقنا نحن وأنتم على أنه حي عليم قدير، وليس بمحيز ولا جسم، فإذا عقلنا موجوداً حياً عليماً قديراً ليس بجسم عقلنا حياة وعلماً وقدرة لا تقوم بجسم، قالوا: وأنتم وافقتمونا على أنه حي عليم قدير، وإثبات حي عليم قدير بلا حياة ولا علم ولا قدرة مكابرة للعقل واللغة والشرع.

قالت الكرامية لهؤلاء: قد اتفقنا نحن وأنتم على أنه موصوف بالحياة والعلم والقدرة ونحو ذلك من الصفات، مع اتفاقنا نحن وأنتم على أنه لا يتصف بالأكوان، فهكذا إذا جوزنا عليه أن يسمع أصوات عباده حين يدعونه، ويراهم بعد أن يخلقهم، ويغضب عليهم إذا عصوه، ويحب العبد إذا تقرب إليه بالنوافل، ويكلم موسى حين أتى الوادي، ويحاسب خلقه يوم القيامة، ونحو ذلك مما دلت عليه النصوص، لم يلزمنا مع ذلك أن تجوز عليه حدوث الأكوان.

ومن تدبر كلام هؤلاء الطوائف - بعضهم مع بعض - تبين له أنهم لا يعتصمون فيما يخالفون به الكتاب والسنة إلا بحجة جدلية يسلمها بعضهم لبعض، وآخر منتهاهم: حجة يحتجون بها في إثبات حدوث العالم لقيام لاأكوان به أو الأعراض، ونحو ذلك من الحجج التي هي

<<  <  ج: ص:  >  >>