للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمدة المانعين هو امتناع حلول الحوادث، وامتناع تسلسلها، فإذا كانوا لا ينفون حدوثها في ذاته إلا لامتناع حلول الحوادث: لم يجز أن يجيبوا عن أدلة الحدوث بمجرد دليل امتناع حلول الحوادث إن لم يجيبوا عن المعارض، لأن ذلك دور، فإذا قال القائل: الدليل على بطلان دليل المثبتة هو تدليل النفاة، قيل له: دليل النفاة لا يتم إلا ببطلان دليل المثبتة، فإذا لم تمكن المطالبة إلا بدليل المثبتة كان صحة دليل النفاة متوقفاً على صحته، وذلك دور، فإنه لا يتم نفي ذلك إلا بالجواب عن حجة المثبتين، فيكون قولهم بانتفاء حلول الحوادث مبيناً على انتفاء حلول الحوادث، فلا يكون لهم حجة على ذلك.

فالمثبتون معهم السمعيات الكثيرة المتواترة بخلاف النفاة، فإنه ليس معهم شيء من السمع، وإنما يدعون قيام الدليل العقلي على امتناع قيام الحوادث به، فإذا أراد بعض المثبتين أن يقيم دليلاً عقلياً على قيامها به أو إمكان قيامها به، احتاج إلى أن يجيب عن أدلة النفاة، والنفاة لا يتم دليلهم على النفي حتى يجيبوا على أدلة المثبتين، وإلا فلو قدر تعارض الأدلة العقلية من الجانبين فتكافأتا، وبقيت الأدلة السمعية خالية عن معارض يجب تقدمه عليها، فإذا احتج المثبتون بالآيات والأحاديث لم يمكن للنفاة أن يقولوا هذا يثبت قيام الحوادث به وذلك ممتنع، إلا إذا أقاموا الدليل العقلي على الامتناع، أجابوا عما يحتج به المثبتة من الدليل العقلي، فلا بد للنفاة من هذا وهذا، بخلاف المثبتة فإنه يمكنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>