للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلامه، فإن ما قام به شيء من الصفات والأفعال عاد حكمه إليه، لا إلى غيره، فإذا خلق في محل علماً أو قدرة أو كلاماً كان ذلك صفة للمحل الذي خلق فيه، فذلك المحل هو العالم القادر المتكلم به، فإذا خلق كلاماً في محل كان ذلك الكلام المخلوق كلام ذلك المحل، لا كلامه، فإذا خلق في الشجرة: {إني أنا الله رب العالمين} (القصص: ٣٠) ولم يقم هو به كلام كان ذلك كلاماً للشجرة، فتكون هي القائلة: (إني أنا الله رب العالمين) وهذا باطل، فيتعين أن يقوم به الكلام، وكونه لا يقدر أن يتكلم ولا يتكلم بما شاء، بل يلزمه الكلام كما تلزمه الحياة، مع كون تكليمه هو خلق مجرد الإدراك، يقتضي أن يكون القادر على الكلام الذي يتكلم باختياره أكمل منه، فإنا إذا عرضنا على العقل من يتكلم باختياره وقدرته ومن كلامه بغير اختياره وقدرته كان الأول أكمل، فتعين أن يكون متكلماً بقدرته ومشيئته كلاماً يقوم بذاته، وكذلك في مجيئة وإتيانه واستوائه وأمثال ذلك، إن قدرنا هذه أموراً منفصلة عنه: لزم أن لا يوصف بها، وإن قدرناها لازمة لذاته لا تكون بمشيئته وقدرته: لزم عجزه وتفضيل غيره عليه، فيجب أن يوصف بالقدرة على هذه الأفعال القائمة به، التي يفعلها بمشيئته وقدرته، وهذا هو الذي تعنيه النفاة بقولهم: لا تحله الحوادث، كما يعنون نفي العلم والقدرة ونحوهما بقولهم: لا تحله الأعراض.

وأيضاً فإن ما به تثبت الصفات القائمة به، تثبت الأفعال القائمة به

<<  <  ج: ص:  >  >>