للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنا قد بينا في غير هذا الموضع أن الذات المجردة عن الصفات لا حقيقة لها، بل الصفات زائدة على ما يثبته النفاة من الذات، وأما الذات الموصوفة بصفاته القادرة على أفعالها فتلك مستلزمة لما يلزمها من الصفات، قادرة على ما تشاؤه من الأفعال، فهي لا تكون إلا موصوفة، لا يمكن أن تتجرد عن الصفات اللازمة لها، حتى يقال: هل هي زائدة عليها أو ليست زائدة عليها؟ بل هي داخلة في مسمى اسمها، والأفعال القائمة بها بقدرتها وإرادتها كذلك.

فكما أنه مسمى بأسمائه الحسنى، منعوت بصفاته العلى، قبل خلق السماوات والأرض، وبعد إقامة القيامة، وفيما بين ذلك، لم يزل ولا يزال موصوفاً بصفات الكمال، منعوتاً بنعوت الإكرام والجلال، فكذلك هو مسمى بأسمائه الحسنى منعوت بصفاته العلى، قبل هذه الأفعال وبعدها.

وكان أن ذلك ثابت قبل حدوث المفعولات وبعدها، فهو ايضاً ثابت قبل حدوث الأفعال وبعدها، ومن آياته الشمس والقمر والكواكب، وما تستحقه هذه الأعيان من الأسماء والصفات هو ثابت لها قبل الحركات المعينة وبعدها، ولا يحتاج أن يقدر لها ذات مجردة عن النور وعن دوام الحركة، ثم زيد عليها النور ودوام الحركة، فالخالق سبحانه أولى بثبوت الكمال له وانتفاء النقص عنه، والمخلوقات

<<  <  ج: ص:  >  >>