للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه، ولكن قال له: إما أن تلتزم أنت ما ألزمتني، وإلا التزمت أن تقول: إن المخلوق لم يزل مع الله.

وهذا الذي قاله المريسي إنما يلزم عبد العزيز إذا أبطل كل قسم مما يمكن أن يقال في هذا المقام، وهو لم يفعل ذلك، ولا سبيل له إليه، بخلاف ما ألزمه إياه عبد العزيز، فإنه لازم له لامحالة، إذ كان قوله: (إن المخلوقات كلها - وكلام الله عنده من جملتها - حدثت بعد أن لم تكن من غير فعل فعله الله، بل بقدرته التي لم تزل) مع أن عبد العزيز قد بين فيما بعد أن ما أقر به المريسي يكفيه في الاحتجاج في مسألة القرآن، فإن المريسي أقر بأن الله خلقها بقدرته، فأثبت هنا معنى هو صفة لله تعالى ليس بمخلوق، فبطل أصل قوله الذي نفى به الصفات، وقال: إنا القرآن مخلوق، لكن عبد العزيز بين له ما يلزمه، وما أقر به، وأن الحجة تحصل بهذا وبهذا، وأما المريسي فعارضه بأن قال: يلزمك ما ألزمتني.

وذلك مبني على مقدمات لم يذكر منها واحدة.

أحدها: أن يقول: إذا كان أحدث الأشياء بفعله الكائن عن قدرته حصل المقصود من غير إثبات قديم مع الله تعالى، ولهذا قال له عبد العزيز: (إنما قلت: الفعل صف لله، والله يقدر عليه، ولا يمنعه منه مانع) وفي نسخة أخرى زيادة على ذلك: (إنما قلت: إنه لم يزل الفاعل سيفعل، ولم يزل الخالق سيخلق، لأن الفعل صفة لله) .

<<  <  ج: ص:  >  >>