آخر كان عن قدرته أيضاً، وهلم جراً، ولم يكن شيء من المفعولات والمخلوقات موجوداً معه في الأزل، فإن الفعل ينقسم إلى متعد ولازم، فإذا قدر دوام الأفعال اللازمة لم يجب دوام الأفعال المتعدية، وعلى هذا التقدير فإذا قال:(كان الله ولما يخلق شيئاً ولما يفعل شيئاً) لم يزل أن لا يكون هناك فعل قائم بنفسه بدون مخلوق مفعول، ولا يجب أن يكون المخلوق لم يزل مع الله تعالى.
وهذا التقدير إن لم ينفه المريسي بالحجة لم يكن ما ألزمه لعبد العزيز لازماً.
وإذا قال السلف والأئمة:(إن الله لم يزل متكلماً إذا شاء) فقد أثبتوا أنه لم يتجدد له كونه متكلماً، بل نفس تكلمه بمشيئته قديم، وإن كان يتكلم شيئاً بعد شيء، فتعاقب الكلام لا يقتضي حدوث نوعه إلا إذا وجب تناهي المقدورات المرادات، وهو المسمى بتناهى الحوادث.
والذي عليه السلف وجمهور الخلف: أن المقدورات المرادات لا تتناهى، وهم بهذا نزهوه عن كونه كان عاجزاً عن الكلام، كالأخرس الذي لا يمكنه الكلام، وعن أنه كان ناقصاً فصار كاملاً، وأثبتوا مع ذلك أنه قادر على الكلام باختياره.
وحجة عبد العزيز على المريسي تتم على هذا التقدير، ولا يكون مع الله في الأزل مخلوق.
التقدير الرابع: أنه لو قيل: (بأن كل ماسوى الله مخلوق، محدث