للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو قدر أن عبد العزيز والمريسي انتهيا إلى هاتين المقدمتين لم يكن للمريسي أن يلزم عبد العزيز بشيء إلا ألزمه عبد العزيز بما هو أشنع منه، فكيف وعبد العزيز لم يحتج إلى شيء من ذلك؟ بل بين أنه لا بد أن يكون قبل المخلوق ما به يخلق المخلوق من صفات الله وأفعاله، فيبطل ما يدعيه المريسي ونحوه من أن الله لا صفة له ولا كلام ولا فعل، بل خلق المخلوقات وخلق الكلام الذي سماه كلامه بلا صفة ولا فعل ولا كلام.

وهذان الجوابان اللذان يمكن عبد العزيز أن يجيب بهما عن إلزامه التسلسل يمكن معهما جواب ثالث مركب منهما، كما تقدم التنبيه على ذلك، وهو أن يقول:

إن كان التسلسل ممتنعاً بطل هذا الإلزام، وإن كان ممكناً أمكن التزامه كما قد ذكرنا في غير هذا الموضع: أن المسلمين وغيرهم من أهل الملل القائلين بأن الله تعالى خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، يمكنهم أن يجيبوا بمثل هذا الجواب للقائلين بقدم العالم من الفلاسفة وغيرهم، المحتجين على ذلك بحجتهم العظمى التي اعتمد عليها ابن سينا وابن الهيثم وغيرهما حيث احتجوا على المعتزلة ونحوهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>