حرف وأصوات، وأصلهم أن الأصوات على تقطيعها وتواليها كانت ثابتة في الأزل قائمة بذات الباري تعالى وقواعد مذهبهم مبينة على دفع الضرورات) .
فلم يذكر أبوالمعالي إلا هذا القول من قول المعتزلة والكلابية والكرامية.
ومعلوم أن هذا القول لا يقوله عاقل يتصور ما يقول، ولا نعرف هذا القول عن معروف بالعلم من المسلمين، ولا رأينا هذا في شيء من كتب المسلمين، ولا سمعناه من أحمد منهم.
فما سمعنا من أحد، ولا رأينا في كتاب احد أن المداد الحادث انقلب قديماً، ولا أن المداد الذي يكتب به القرآن قديم، بل رأينا عامة المصنفين من أصحاب أحمد وغيرهم ينكرون هذا القول، وينسبون ناقله عن بعضهم إلى الكذب.
وأبو المعالي وأمثاله أجل من أن يتعمد الكذب، لكن القول المحكي قد يسمع من قائل لم يضبطه، وقد يكون القائل نفسه لم يحرر قولهم، بل يذكر كلاماً مجملاً يتناول النقيضين، ولايميز فيه بين لوازم أحدهما ولوازم الآخر، فيحكيه الحاكي مفصلاً ولا يجمله إجمال القائل، ثم إذا فصله يذكر لوازم أحدهما دون ما يعارضها ويناقضها، مع اشتمال الكلام على النوعين المتناقضين أو احتماله لهما أيضاً، وقد يحكيه الحاكي باللوازم التي لم يلتزمها القائل نفسه.
وما كل من قال قولاً التزمه لوازمه، بل عامة الخلق لا يلتزمون لوازم أقوالهم، فالحاكي يجعل ما