الكلام مع إثبات هذه المعاني من هذا الباب، وليس الأمر كذلك، فإن مأخذ إثبات هذه المعاني ليس هو مأخذ القدم، فإن القدم مبني على مسألة الصفات، وعلى أنه: هل يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته؟ وأما إثبات هذه المعاني فمسألة أخرى.
والناس لهم في مسمى (الكلام) أربعة أقوال: أحدهما: أنه اللفظ الدال على المعنى، والثاني أنه المعنى المدلول عليه باللفظ، والثالث: أنه مقول بالاشتراك على كل منهما، والرابع: أنه اسم لمجموعهما، وإن كان مع القرينة يراد به أحدهما، وهذا قول الأئمة وجمهور الناس، وحينئذ فمن أثبت هذه المعاني وقال: إن اسم (الكلام) يتناولهما بالعموم أو الأشتراك يمكنه إثبات قيام اللفظ والمعنى جميعاً بالذات.
ثم من جوز تعلق ذلك بمشيئته وقدرته يمكنه أن لا يقول بالقدم، أو لا يقول بالقدم في الكلام المعين وإن قال بالقدم في نوع الكلام، ومن لم يجوز ذلك فمنهم طائفة يقولون بقدم الحروف، وطائف تقول بقدم المعاني دون الحروف، وما به يستدل أولئك على حدوث الحروف كالتعاقب والمحل يعارضونهم بمثله في المعاني، فإنه بالنسبة إلينا متعاقبة، ولها محل لا يليق بالله تعالى.