ولقائل أن يقول: هذا يقتضي إمكان كون نوع الجسم يقبل الحركة، فإذا قدر أن السكون وجودي وله موجب مستلزم له، كان امتناع الحركة لمعنى آخر يختص به الجسم المعين لم يوجد لغيره من الأجسام، فلا يلزم إذا قدر أنه موجود أزلي أنه يمكن زاواله، بل هذا جمع بين المتناقضين، فما قدر موجوداً أزلياً لا يمكن زواله بحال، ولا يمكن أن يجمع بين تقديرين متناقضين، وقبول كل جسم للحركة لا يحتاج إلى هذا.
فإذا قيل:(إن السكون عدم الحركة) أمكن مع كون السكون أزلياً من إثبات الحركة ما لا يمكن مع تقدير كونه وجودياً، وذلك أنه حينئذ لا تتوقف الحركة إلا على وجود مقتضيها وانتفاء مانعها، وليس هناك معنى وجودي أزلي يحتاج إلى زواله.
وقد أورد بعضهم على استدلاله على أن السكون أمر وجودي اعتراضاً بالغاً، فقال: هذا فيه نظر من جهة أن مقدمة الدليل مناقضة للمطلوب، لأن المطلوب كونهما وجوديين، ومقدمة الدليل أن أحدهما وجودي، ولا يمكن تقريره إلا بما سبق، وهو يقتضي أن يكون أحدهما عدمياً، فادعاء كونهما وجوديين بعد ذلك مناقض له.