للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا جواب عن هذا، إلا أن يقال: الدليل السمعي لا يكون قطعاً وحينئذ فقال: هذا ـ مع كونه باطلاً ـ فإنه لا ينفع، فإنه علي هذا التقدير يجب تقديم القطعي لكونه قطعياً، لا لكونه أصلاً للسمع، وهؤلاء جعلوا عمدتهم في التقديم كون العقل هو الأصل للسمع، وهذا باطل، كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

وإذا قدر أن يتعارض قطعي وظني، لم ينازع عاقل في تقديم القطعي، لكن كون السمعي لا يكون قطعياً دونه خرط القتاد.

وأيضاً، فإن الناس متفقون علي أن كثيراً مما جاء به الرسول معلوم بالاضطرار من دينه، كإيجاب العبادات وتحريم الفواحش والظلم، وتوحيد الصانع وإثبات المعاد وغير ذلك.

وحينئذ فلو قال قائل: إذا قام الدليل العقلي القطعي علي مناقضة هذا فلا بد من تقديم أحدهما: فلو قدم هذا السمعي قدح في أصله، وإن قدم العقلي لزم تكذيب الرسول فيما علم بالاضطرار أنه جاء به، وهذا هو الكفر الصريح، فلا بد لهم من جواب عن هذا والجواب عنه أنه يمتنع أن يقوم عقلي قطعي يناقض هذا.

فتبين أن كل ما قام عليه دليل قطعي سمعي يمتنع أن يعارضه قطعي عقلي.

ومثل هذا الغلط يقع فيه كثير من الناس، يقدرون تقديراً يلزم منه لوازم،

<<  <  ج: ص:  >  >>