للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تناقض أقوالهم ما يبين فسادها، لكن قد يكون ما أثبتوه في أحد الموضعين صحيحاً متفقاً عليه، فلا ينازعوهم الناس فيه ولا في مقدماته، وقد تكون المقدمات فيها ضعف، لكن لكون النتيجة صحيحة يتساهل الناس في تسليم مقدماتها.

وإنما يقع تحرير المقدمات والنزاع فيها إذا كانت النتيجة مورد نزاع.

والمسلمون متفقون على أن الله سبحانه وتعالى وصفاته اللازمة لذاته لايجوز عليها العدم، وقد اشتهر في اصطلاح المتكلمين تسميته بالقديم، بل غالب المعتزلة ومن سلك سبيلهم غالب ما يسمونه بالقديم، وإن كان من المعتزة وغيرهم من لايسميه بالقديم، وإن سماه بالأزلي، وأكثرهم يجعلون القدم أخص وصفه، كما أن الفلاسفة المتأخرين الإلهيين غالب ما يسمونه به (واجب الوجود) ، والمتقدمون منهم غالب ما يسمونه به (العلة الأولى) و (المبدأ الأول) .

فإذا قرر المقرر أن ما وجب قدمه امتنع عدمه كان من المعلوم أن الرب القديم الواجب الوجود يمتنع عدمه تعالى، وليس عند المسلمين قديم قائم بنفسه غيره، حتى يقال: إنه يمتنع عدمه، والمتفلسفة القائلون بقدم الأفلاك يقولون: إنه يمتنع عدمها، فهذه المقدمة وإن كانت صحيحة في نفسها فلا يصلح أن يستدل بها من قال بما يناقضها أو بما يستلزم ما يناقضها، فإن نفس ما يستدل به عليها إذا ناقض قوله أمكن

<<  <  ج: ص:  >  >>