فهو تسليم للمطلوب، وأما الثاني: فهو حكم علمي لا كلام فيه.
كالأحكام العقلية الذهنية فينا، فإنه يصح في الأزل الحكم بالامتناع على الممتنعات كما يصح الحكم بالجواز على الجائزات، ثم يقال: الحركة في الأزل إما ممتنعة الإمكان العام الذي يدخل فيه الواجب وإما ممكنة، فإن كانت ممتنعة فهو باطل كما تقدم، وإن كانت ممكنة كان الدليل على امتناعها باطلاً، فبطلت الوجوه الدالة على امتناع الحركة في الأزل.
ولم يرض أبو الحسن الآمدي هذا الجواب الذي ذكره الرازي، بل ذكر جواباً آخر، فقال:(وجوابه أن يقال: لا يلزم من امتناع الوجود الأزلي على الحركة لذاتها امتناع الوجود الذي ليس بأزلي، فإذاً ما هو ممتنع غير زائل، وهو الوجود الأزلي، وما هو الجائز لم يكن ممتنعاً) .
قلت: ولقائل أن يقول: هذا يستلزم انقلاب الشيء من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي من غير تجدد سبب يوجب هذا الانقلاب بما لا ينضبط لا في الوجود ولا في العقل، فإن الإمكان الذاتي ثابت بالضرورة والاتفاق، وما من وقت يقدر فيه الإمكان إلا والإمكان ثابت قبله، لا إلى غاية، فليس للإمكان ابتداء محدود.
يبين ذلك: أنه قد يقال: صحة الحركة إو إمكان الحركة أو جواز