وسميت صفته اللازمة له جزءاً وغيراً، وسميت استلزامه إياها افتقاراً، فقولك بعد هذا (كل مفتقر إلى غيره ممكن لذاته) معناه: أن كل مستلزم لصفة لازمة له لا يكون موجوداً بنفسه، بل بشيء مباين له، ومعلوم أن هذا باطل.
وذلك لأن المعلوم أن ما كانت ذاته تقبل الوجود والعدم فلا يكون موجوداً بنفسه، بلا لا بد له من واجب بنفسه يبدعه، وهذا حق فهو مفتقر إلى شيء مباين له لم يكن موجوداً له يبدعه، وهذا هو الغير الذي يفتقر إليه الممكن، وكل ما افتقر إلى شيء مباين له لم يكن موجوداً بنفسه قطعاً.
أما إذا أريد بالغير الصفة اللازمة، وأريد بالافتقار التلازم، فمن أين يقال: إن كل ما استلزم صفة لازمة له لا يكون موجوداً بنفسه، بل يفتقر إلى مبدع مباين له؟.
وقد ذكرنا مثل هذا في غير موضع، وبينا أن لفظ (الجزء) و (الغير) و (الافتقار) و (التركيب) ألفاظ مجملة موهاً بها على الناس، فإذا فسر مرادهم بها ظهر فساده وليس هذا المقام مقام بسط هذا.
ونحن هذا البرهان عندنا صحيح وهو أن كل ماسوى الله ممكن، وكل ممكن فهو مفتقر إلى المؤثر، لأن المؤثر لا يؤثر إلا في حال حدوثه، لكن يقرر ذلك بمقدمات لم يذكرها الرازي هنا، كما بسط في موصع آخر.
وأما الجواب عن المعارضة بكون الرب عالماً قادراً، فجوابه: أن